“أعياد الميلاد على الضفة الغربية تكتسي حلة الحزن والفقدان في ظل الأحداث الصعبة”
في هذا الزمن من كل عام، كانت الضفة الغربية، وبشكل خاص مدينتي القدس وبيت لحم، تزدان بأنوارها وزينتها المبهرة، استعداداً للاحتفال بأعياد الميلاد. ولكن هذه المرة، يسودها الصمت والكآبة، حيث تتعرض لعنف من قبل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
ويروي شهود عيان لموقع “سكاي نيوز عربية” عن العقبات التي وضعها الجيش الإسرائيلي أمام حركة السكان في اتجاه الكنائس، وعن الأوامر التي صدرت لمنع التجمعات والاحتفالات في الضفة بأكملها.
يجتذب القدس وبيت لحم كل عام زوارًا وسياحًا من الداخل والخارج، يتوافدون لزيارة كنيسة القيامة وكنيسة المهد، وغيرها من المواقع المسيحية التي ترتبط بمناسبة ميلاد المسيح، كما كانت هذه المناسبة فرصة لتنشيط السياحة والاقتصاد في الضفة.
يشير الصحفي الفلسطيني جمال سالم إلى “اتفاق شامل” بين السكان على إلغاء الاحتفالات هذا العام، ليس فقط بسبب التحذيرات الإسرائيلية، ولكن أيضًا بسبب التحديات التي يواجهونها في ظل الممارسات القمعية للجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
ويردف سالم: “صعوبة الوصول إلى الأماكن الدينية لا تقتصر على الكنائس وأعياد الميلاد فقط، بل أصبح من المستحيل الوصول إلى المسجد الأقصى، وتصعب زيارة معظم المساجد والكنائس، خاصةً مع زيادة نسبة الكمائن والحواجز بنسبة 20 في المئة، واستمرار التوقيفات التي بلغت أكثر من 3500 شخص في الضفة منذ أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى سقوط المئات بين قتيل وجريح”.
تتجاوز شكاوى الشابة الفلسطينية كريستين حنا حيث تصف الوضع هذا العام بأنه أكثر قسوة من السنوات السابقة. حتى في أوقات الظلمة الكبيرة كانت هناك إمكانية للذهاب إلى الكنائس لأداء الصلوات في أعياد الميلاد، ولكن هذا العام شهد تشديدات وإجراءات تعسفية في الحواجز والكمائن، مما جعل الوصول إلى الكنائس أمرًا صعبًا للغاية.
نتيجة للحرب في غزة، أخبرت الكنائس السكان قبل شهر من إلغاء الاحتفالات، تضامناً مع إخوانهم في غزة. لكن الرغبة في الوصول لإقامة الطقوس الدينية تظل مستمرة، وسط التصاعد المستمر للاقتحامات والاعتقالات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي.
تتعدد التحديات في الضفة، حيث يحدد التجار ساعات العمل وتغيب مستلزمات الأعياد، ويكون إمدادات الطعام قليلة، والكهرباء قليلة، ويتعرض الفلسطينيون يوميًا لاعتداءات المستوطنين، فلا يوجد مكان آمن إلا في منازلهم.
قررت البلديات والكنائس في الضفة إلغاء الاحتفالات هذا العام، مع التركيز على إقامة الطقوس الدينية، نظرًا للأوضاع الصعبة في غزة. ودعت الكنائس إلى جمع التبرعات وإرسالها لسكان القطاع لتخفيف معاناتهم.
إلى جانب عنف الجيش الإسرائيلي، يعاني السكان من عنف المستوطنين الإسرائيليين، الذي بلغ أعلى مستوى له منذ 15 عامًا. تتنوع أعمال العنف بين القتل والضرب والاستيلاء على الممتلكات، ومطالبة الفلسطينيين بالرحيل عن الضفة إلى الأردن.
تحت ضغوط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تُفرض عقوبات على المستوطنين، وتدرس فرنسا إمكانية فرض عقوبات مماثلة. وفي هذا السياق، أعلنت بلجيكا عن منع دخول المتورطين في العنف إلى أراضيها، بينما تستعد فرنسا للتحرك على الصعيدين الأوروبي والدولي لفرض عقوبات